بينما كان ذلك الشاب نائما رئي في رؤى الليل إنسانا جالسا علي كرسي ، مثل كرسي الاعتراف ويداه مربوطتان في يدي الكرسي . وكانت ظلمة علي المكان كله ، فسأله الشاب عن أخباره فقال له : مثل أمس وأول أمس ومثل باقي الأيام القادمة أيضا . ورآه حزينا مكتئبا في نفسه ، وعيناه كأنهما منغلقين . فسأله قائلا : ما الذي حدث بعيناك .
فأجابه قائلا : ما بهما .
فقال له : وكأنهما منغلقتين وكأنك .......
وهنا صاح الرجل بصوت مرتفع : عيناي عيناي لم أعد أبصر لم أعد أنظر إلي النور .
فطمئن قلبه وعزاه علي فقد بصره ، ثم سأله عن سبب ذلك ، حيث أصابته دهشة عظيمة إذ إنه كان مبصرا . وهنا تكلم الرجل قائلا : كنت مبصرا والآن أصبحت أعمي . أصبحت أعمي بالخطية ، نور عيناي مضي ولم يرجع لي مرة أخري .
فواساه ذلك الشاب قائلا : أطلب ربنا صدقني هينور حياتك وليس عيناك فقط .
فكلمه قائلا : الرب الإله الرؤف الكثير الرحمة والحنان وهبني فرص كثيرة جدا ، إن استطعت أن أعد شعر رأسي ما أقدر أن أعدها ، إن استطعت أن أعد رمل البحر لا أقدر أن أعد رحمته التي صنعها معي . بينما أنا كنت أعمي بالخطية ، وفي كل مرة كان هو يوهبني فرصة أخري. فقال له الشاب : بكلام جيدا تكلمت وبالصواب حقا أجبت ، فالله لا يشاء موت الخاطئ مثلما أن يرجع إليه ويحيا في حياة البر والقداسة . أطلبه أدعوه وقت الضيق ينقذك فتمجده .
فأجابه قائلا : دعوته قليلا فكان يستجيب لي كثيرا ، بينما أنا كنت افعل خطايا أكثر وأكثر إلي أن أصبحت أعمي ولم يعد لي النور ، لم تعد لي هناك فرصة أخري .
فقال له الشاب : لكن حياتنا علي الأرض هي الفرصة العظيمة . أطلب من الله لعله يتحنن عليك وينقذك . لأن ربنا طيب القلب ووديع الروح وبطيء الغضب .
فجاوبه في حزنا شديد وبنغمة اليأس وفقدان الرجاء ورنين الكآبة والتنهد في صوته قائلا : الفرصة قد ذهبت مني ومضت ولم ترجع لي مرة أخري . أما أنت ففرصتك في يدك وأحذر من أن تضيعها .
فقال له الشاب : تقصد أنني .....
فجاوبه قائلا : نعم بالطبع أنت مبصر الآن ولكن لا تخطيء حتي لا تصير ...... وهنا نكس رأسه وظل يبقي بمرارة وينوح ، ثم عاود وقال مرة أخري : كنت مبصرا ولكنني أصبحت أعمي لم أعد أبصر النور والحياة .
هل رأيت يا أخي الحبيب كيف تفعل الخطية وكيف كان مبصرا وأصبح أعمي بكثرة ما فرط منه من خطية واستهتار برحمة الله ورأفته عليه ، ولكن كما أن الله رحيم فهو عادلا أيضا ، لذا كانت عاقبة ذلك الإنسان أنه مات أعمي بالخطية بعد أن كان يبصر النور الإلهي !
ولا عجب فإن السيد المسيح نفسه قال لنا : أولون يكونون آخرين و آخرون أولين (مت 19 : 30) .
ألعلها رسالة من الجحيم لهذا الشاب النائم في الخطية لست أدري ؟
أم هي رسالة من السماء تحثه علي التوبة لست أعلم ؟ لكن الله يعلم .
ولكن ذلك الشاب يعلم شيئا واحدا أنها كانت أكبر عظة ودرس لحياته علي الأرض ، وأن الفرصة مازالت سانحة أمامه لأنها في يده وفي يدك أنت أيضا يا صديقي ........
فكم من ملايين ملايين الأشخاص يتمنوا أن يرجعوا إلي العالم ولو للحظة واحدة حتي يقدموا توبة ولكنهم للأسف لم يقدروا علي فعل ذلك ، فلقد سبق السيف العزل ، فالوقت قد مر ومضي .....
وهنا سأل الشاب نفسه : هل يريد أن يصبح أعمي كما رأي ذلك الإنسان ،
أم سيقول مثلما قال المولود أعمي عندما شفاه السيد : إنما أعلم شيئا واحدا .إني كنت أعمي والآن أبصر (يو9 :25).
وأنت يا عزيزي ماذا ستفعل لو كنت مكانه ، ماذا ستختار ؟
موضوع: جالسا في الظلمة 
الخميس مارس 24, 2011 3:32 pm
