عندما تأملت في حياة آبائي الرهبان ، تطايرت أفكاري فكرة علي فكرة ، ولم يعد يبقي لي سوي تلك الأسئلة .......
كيف يستطيع إنسان أن يدفن نفسه وهي حية بعد ؟!
أيقدر إنسان أن يجمح شهواته في وسط عالم لا يخلو من الشهوات ؟!
ما الذي دفعهم إلي تلك الحياة الصعبة ؟!
وما الذي أجبرهم علي هذه المشقة ؟!
كل يوما كانوا يصلبون شهواتهم ، ماتوا عن العالم لكي يحيوا مع المسيح ، كما قال معلمنا بولس الرسول " مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في " (غل 2 : 20) .
فعندما كانوا يقيدون الجسد ، كانوا يحررون الروح ....
سمعت أحدهم يقول لي " أما أنا فالإلتصاق بالرب خير لي " .
لأني معه لا أريد شيئا علي هذه الأرض ....
ولهذا كانت الرهبنة هي الإنحلال من الكل للإرتباط بالواحد ، كما قال القديس أبو مقار الكبير " الله وكفي " .
حقا أنهم جلسوا علي قمة العالم حينما أصبحوا لا يشتهون شيئا أو يخافون من شيء .
تشبهوا بالسمائين مع أنهم ترابين ، أصبحوا بالحقيقة ملائكة أرضين ، وحسبوا مع جماعة الروحانين .