يقول العلماء إن الخيط الذي يفصل بين العبقرية والجنون رفيع جدا, فقد اعتبر الكثيرون جاليلو مجنونا عندما قال إن الأرض تدور حول الشمس . ويؤكد البروفيسور تيل وايك من معهد علم النفس في الولايات المتحدة علي وجود علاقة بين العبقرية والجنون ويقول: يتميز العباقرة بقدرتهم على إقامة روابط بين أحداث واتجاهات غير متوقعة والذين يعانون من أمراض عقلية يقيمون روابط غير متوقعة أو غير مناسبة بين أحداث الحياة اليومية وهذه النظرية تفسر السبب الذي يجعل معظم العباقرة في عصرنا الحاضر من النوع الذي يعاني من اهتزازات نفسية , ومن الأمثلة على ذلك: إدجار آلان بو, والكاتب الأميركي العبقري أثرى البشرية بالعديد من المؤلفات الفريدة والقصائد الرائعة والمقالات النقدية التي تتميز بالعمق التحليلي ولكنه كان يعاني من الكآبة والجنون وإدمان المشروبات الكحولية إلى حين وفاته في الأربعين من العمر. وإسحق نيوتن العالم الفذ الذي كان من أبرز عباقرة القرن السابع عشر والذي أحدث ثورة في الفيزياء واكتشف نظرية الجاذبية كان يعاني من الجنون المؤقت وقد هدد مرة بقتل والديه وإحراق المنزل فوق رأسيهما. وجان دارك كانت عبقرية استراتيجية عسكرية هزمت البريطانيين ويقول أحد العلماء إن الرؤى التي كانت تتخيلها هي نوع من الهلوسة البصرية وهو مرض نفسي .........
أرنست هيمنغواي أفضل كتاب الرواية في الولايات المتحدة في القرن العشرين , كان يعاني من الكآبة الشديدة وقد دفعته هذه الكآبة إلى الانتحار عام 1961 بعد 33 سنة من انتحار والده . ويقول العلماء إن انتحار هيمنغواي يدعم نظرية البروفيسور ديفيد بأن المجتمعات البشرية لا تزال تتأرجح فوق ذلك الخيط الرفيع الذي يفصل بين العبقرية والجنون , فهل يفسر ما يحدث في كل مكان في العالم حاليا بأن العبقرية والجنون الاثنان يدلان على تغير في نظام العقل إما ايجابي وهو العبقرية و إما سلبي وهو الجنون ، وربما هما كما يصفهما أحد الكتاب " وجهان لعملة واحدة " ولا بد أن يظهر أحدهما بعد سقوط العملة.. تاركا إيانا نتساءل: هل يمكن أن تنقلب هذه العملة فيظهر الوجه الآخر؟! وقد لا تخفى عليكم المقولة التي تقول "أن بين العبقرية والجنون شعرة" وقد لا يخفى عليكم أيضا تاريخ أن كثير من العباقرة الذين أبهروا العالم بإنجازاتهم واختراعاتهم ليأتي التاريخ نفسه ويصنفهم في عداد المجانين ، فآينشتاين يقال أنه غادر مختبره يوماُ و علق على الباب عبارة غير موجود الآن وسأعود بعد قليل وعندما عاد لمكتبه قرأ العبارة و قال حسناُ سأعود إليه بعد قليل. وهذا تشارلز ديكنز الذي كان لا يفارق بوصلته لأن لا ينام إلا ورأسه باتجاه الشمال ولست هنا بصدد ذكر أمثلة عن العباقرة المجانين فالقائمة طويلة ولربما قرأتم اعترافات شخصية لأحد العباقرة يدعي فيها الجنون.. فها هو الفيلسوف بيرن يقول: " نحن أصحاب الصنعة كلنا مجانين". ويقول الأديب دريدن: "المفكرون العظام يتراقصون على حبل مشدود بين الجنون والعقل". كل هذا يفتح لنا بابا واسعا من التساؤلات في هؤلاء العباقرة فهل إبداعهم هو الذي قادهم إلى الجنون؟! أم أن الجنون هو الذي ولد الإبداع؟! وهنا سأنقل هذه الحادثة : " تملكت الحيرة أحد الأطباء من العاملين في مصحة للأمراض النفسية والعصبية ، والخاصة بالحالات المتقدمة المستعصية حين عجز عن حل لغز رياضي معقد نشرته إحدى المجلات وخصصت جائزة كبرى لمن يصل إلى حله ، وحين هم بالنهوض رأى إلى جواره أحد المجانين الفالتين مستغرقاً في الضحك ، سأله عما يضحكه فأجابه المجنون: لأنك فشلت في الحل بينما هو بسيط ، افعل كذا وكذا.. وقد بادر الطبيب بالاتصال بالمجلة ونال الجائزة بالحل الذي أهداه له المجنون، وكان الطبيب قد سأله: ألست من نزلاء هذه المصحة؟ ألست مجنوناً؟ وأجابه الرجل: نعم أنا مجنون ولكنني لست غبياً ، ومع ذلك فلست أنكر أن هناك رابطا عجيبا ربما يقود أحدهما إلى الآخر ......